نظرة الى تاريخ القبيلة-تاريخ قبيلة بني حسن في العصر العثماني

نظرة الى تاريخ القبيلة-تاريخ قبيلة بني حسن في العصر العثماني



 تاريخ قبيلة بني حسن في العصر العثماني
اعداد راضي عبد الله البشير الخوالدة
بلعما 15-4-2012
تقديم
إن الدارس للتاريخ القبلي لكثير من القبائل العربية وخصوصا القبائل الشرق أردنية يلحظ أن هنالك فجوات تأريخية يصعب تغطيتها عند البحث والدراسة لتلك المراحل التاريخية ولعل التنبيش والبحث المعمق في المصادر المتعلقة بتاريخ شرق الأردن في العصر العثماني وفي تاريخ الأحداث الموازية لذلك -يمكن أن يسعفنا في التوصل إلى التوصيفات التاريخية لقبيلتنا بني حسن وهي أحدى القبائل التي شاب التأريخ لها بعض الضبابية بسبب تلك الفجوات .
ولعل تلك الفجوات تعود لغياب التدوين المكتوب والاعتماد كليا على المناقلة الشفوية للإحداث والتي يشوبها الخلل أحيانا بفعل التقادم و الشخصنة عند النقل.
وفي البحث هذا تم مراجعة مراجع كثيرة و تم محاولة الربط بين الأحداث فيها للخروج بفكرة عامة تصف الأحوال الاجتماعية والسياسية لقبيلة بني حسن في العهد العثماني ولعل الصورة الكاملة لن تكتمل دون دراسات مستفيضة بهذا الشأن.ولعل الجهد الأكبر بتصدره الدكتور محمد عدنان البخيت والذي حاز مؤخرا جائزة الملك فيصل العالمية للإبداع حيث يقوم وغيره بدراسة السجلات الرسمية للعهد التركي وذلك للخروج بصورة واضحة عن تاريخ الأردن في العصر العثماني.
وهنا يجدر القول أن التقصير لازم الجهات المسؤولة في بلادنا في هذا الجانب حيث تركز بحثها على الدراسات المتعلقة بحدثين لربما جعلتهما أهميتهما ألأكثر تداولا لدى مؤرخينا في الأردن, ألا وهما الثورة العربية الكبرى والقضية الفلسطينية.غير أن ذلك ما كان ليمنع الدراسة المتعلقة بالقبائل التي شكلت النسيج الاجتماعي الأردني طوال الخمسمائة سنة الماضية والتي ثبتت في الأردن وعمرته وهم بحق من يطلق عليهم كما يرى روكس العزيزي ((الأرادنة)) ولعل في تأريخهم نفي لما تحاول وحاولت قبله الصهيونية العالمية في ضم الأردن إلي المشروع الصهيوني والذي تطور حاليا إلي الشكل المسمى بالوطن البديل.
غير أن كفاءات أردنية فذة أعادت النصاب إلي موضعه بدراستها لتاريخ القبائل الأردنية والمدن والقرى الأردنية ودراسة الفترة العثمانية ومن أبرز هؤلاء الباحثين الدكتورة هند أبو الشعر والدكتور السردية وغيرهم.
وفي دراستنا هذه سأحول تغطية جانب يتعلق بأكبر القبائل الأردنية تعدادا لتتبع مراحل نشؤها وتكونها وعلاقتها بالمحيط الأردني . ولعل ما كاد يثبط عزيمتي هو الانقراض التدريجي لجيل الختيارية والذين عاصر بعضهم وسمع الحكايات من أسلافهم حول القبيلة وتاريخها وخصوصا من كانوا يحفظون القصيد والأنساب .
غير أنني وجدت كثيرا مما أنشد في الكتب التي كتبها الرحالة الذين زاروا المنطقة في القرون الماضية وبما أنهم في الغالب كانوا مستطلعين ومستشرقين يتبعون جمعيات صهيونية أو إنجيلية درست المنطقة وسكان بهدف استكشافي لغاية التوطئة للقوى الاستعمارية والحركة الصهيونية وجمعيات التبشير لتنقض نحو بلادنا .فقد بحثت على شبكة المعلومات عن مواقع مثل تلك الهيئات ووجدت العديد من المراجع لأولئك الرحالة وساعدتني معرفتي الجيدة في الانجليزية في دراستها. كما وان الجهد المشكور لوزارة الثقافة في مشروعها لمكتبة الأسرة الأردنية قد ساعد في توفير بعض المراجع إضافة إلي مراجع حصلت عليها من مكتبات الجامعات القريبة
البحث
كانت الدراسة في بداياتها محصورة في البحث عن الأحوال الاجتماعية والسياسية لقبيلتنا-بني حسن في أواخر العهد العثماني ,ولكن لتوفر مراجع إضافية و للحاجة للتأصيل للقبيلة كمدخل لدراسة أحوالها كان لا بد من البحث في الأصل والنشأة وخط السير الزمني والمكاني لها.
أصل الحكاية:
لكل حكاية أصل وعندما تكون الحكاية عن قبيلة بحجم قبيلتنا فان البحث يقودك للتنبيش عن الجذور ومحاولة تبيينها من بين أكوام التراب التي تعلوها وهنا قد تتعرض لكدمات من فتات صخري أو حجارة عالقة أو حتى هوام الأرض ,وكل ذلك أقصد به الصعوبات التي تواجه الباحث :وهنا أشير إلي قواعد في البحث عن أصول وتاريخ قبيلتنا لا بد من الأخذ بها لكل من يخوض هذا العباب وهي:
1-غياب التوثيق الذاتي للقبيلة من قبل أبنائها أنفسهم وخصوصا في المراحل المبكرة فكان التوثيق هو ما حفظ في الصدور من نسب وأحداث وما يعتري ذلك من تآكل أو تضخم أحيانا في غير محله.
2-غياب القبيلة عن التأثير في الخط الزمني والمكاني للإحداث لفترة طويلة ولي في ذلك مثالين هما:
أولاً:طريق الحج الشامي والذي يمر بمحاذاة مساكن القبيلة لمسافة تزيد عن مئة كيلو
متر فلا ذكر لبني حسن في أحداثة رغم كثرتها وتتاليها سنويا ولقد قمت بمراجعة للقبائل التي كان لها نصيب في الصرة السلطانية السنوية التي توزع على القبائل على طريق الحج لأجل حماية الحجاج ولا وجود لبني حسن في تلك السجلات.
ثانيا: الأحداث التاريخية للخواطر الملاصقة لديار بني حسن كثورة عجلون على الحكم المصري وتناوب الحكم بين ظاهر العمر واحمد باشا الجزار و غيرهم وما رافق ذلك من حوادث و حروب حيث لا ذكر لهم في المراجع التاريخية لتل الفترة والتي فيها ذكر لقبائل أقدم مثل بني صخر وبني مهدي ......
غير أن ذلك يمكن أن يعزى ألي أن القبيلة كانت في طور التشكل في منطقتها الجديدة حول نهر الزرقاء ولم تكن أعدادها كبيرة عدا عن الطابع الهاديء والمسالم لابناها.
3- تبدل التصنيف الجغرافي للقبيلة بين عجلون والبلقاء مما جعل المعلومات المسجلة في سجلات الدولة العثمانية تتناوب في هذين المركزين.
4- الطبيعة المختلطة للقبيلة فهي بدوية الأصل زراعية وريفية الطابع لذا لم يكن لها دور في الصراع البدوي والذي أشهر كثيرا من القبائل لورود ذكرها في تلك الأحداث.
وبناءا على تلك المرتكزات والقواعد فإنني أتجهم عناء اقتحام حقل الأشواك المتعلق بالأصل والنشأة وهنا سأقسم الأمر ألي ثلاثة محاور وهي:
أولا :الأصل الإنساني(النسب).
ثانيا :الأصل المكاني أو الموطن الأصلي.
ثالثا: الأصل الزمني أو تاريخ النشأة..
أولا: محور الأصل الإنساني
للأسف ليس لدينا سند متصل مكتوب يبين أصل القبيلة عدا الروايات الشفهية التي تتفق في جهة الرجوع بالأصل إلي حسن وتختلف حول المنحدرين منه ومن تحالف معهم ولكنها جميعا لا تسعفنا في التأصيل لحسن فالنسب ينقطع عنده وتدور أغلب الروايات على أن حسن سكن حول عفراء قرب الطفلية و انه قدم من الحجاز أصلا من الجهراء أو العلا أو الليث ويرى البعض أنه يعود بنسبه إلي جعفر بن أبي طالب أو أحد الجعافرة من نسل علي بن أبي طالب مستندين إلي نخوة بني حسن(الجعافرة) وان كنت استبعد تلك الصلة لبعد الفارق الزمني بأكثر من تسعمائة عام هذا من حيث الروايات الشفهية أما في المكتوب فقد استند البعض إلي القلقشندي في كتابه سبائك الذهب إلي انهم من بني عذرة غير أن البعض رفض ذلك محتجا بان المكتوب هو بني حن وليس بني حسن علما أن الأصوب في ذلك مراجعة المخطوطة الأصلية لاستبعاد عامل الخطأ المطبعي فبني عذرة سكنوا المنطقة جنوبي الأردن وان كان تاريخ كتابة تلك المعلومة بعيد زمنيا كما أعتقد عن ظهور حسن الجد .
و بمراجعة بسيطة لشجرة النسب (المروية) لشيخين من شيوخ بني حسن أولهما الشيخ الأقدم مشيخة لبني حسن وشجرة النسب لشيخ عشيرة ألخوالده سنجد انهما تتكونان تقريبا من عشرة أجيال أي حوالي 400 عاما تقريبا على الأبعد وهو الزمن الذي تذكر فيه السجلات العثمانية وجود طائفة حسن حول الطفلية و الشوبك حيث المكان الأول لتواجد بني حسن.
وممن حاول التأصيل للقبيلة بطرق أخرى اعتمادا على دلالات معينة ومنهم:
1-الرحالة المساح كوندر
والذي يرى أن بني حسن يعودون في أصولهم للأنباط فوسم بني حسن كما يورده كوندور انه يشبه الرقم 3 لدى الخميرين القدماء في اليمن وبالتالي فان كوندر يعود ليقترح في موضع آخر من كتابه بناء على ذلك الوسم أن بني حسن يعودون في أصولهم إلي الأنباط كما العجارمة بينما يعود الصخور في أصلهم إلي السبئين
2-الباحث الدكتور أحمد عويدي العبادي وان كان على غزارة علمه واطلاعه إلا أنه يشطط أحيانا في أفكاره فهو يقول أن بني حسن يعودون في أصولهم إلي الملك المؤابي حدد والذي عاش قبل نحو ثلاثة الآف عام مستدلا بمقام حدد على الجهة الجنوبية لنهر الزرقاء والذي كان البسطاء من أبناء القبيلة يتبركون به.
وهنا يجد القول أن من يشير إلي دور لبنتي حسن في حروب صلاح الدين ضد العدو الصليبي فان ذلك مناف للحقيقة وذلك للفجوة الزمنية الكبيرة بين نشأة قبيلتنا و بين ذلك التاريخ.
المحور الثاني: الأصل المكاني :
فكما أسلفت أن الروايات تجمع على أن النشأة كانت حول عفرا قرب الطفلية وأيا كان الأصل من القبائل المحيطة بالطفلية آنذاك مثل طائفة حسن أو من الحجاز ويجدر القول أن الطفلية خاصة وجنوب الأردن عموما كان محطة الوصول الأولى للهجرات من الجزيرة العربية نحو بلاد الشام ويضاف إلي ذلك الغموض الذي يكتنف تاريخ الطفلية القبلي رغم أنها كانت منبعا لهجرات القبائل الأردنية عموما( كما يرى الباحث نواف الشطناوي).
إلي ما يكتبه البعض عن أن الأصل في بني حسن هما العموش والمشاقبة ويضم فروعا رئيسية مثل ألخوالده كأحلاف لا كأصل وليجبني هؤلاء لماذا فرض خالد رأيه في الحصول على منابع لماء حول سيل الزرقاء عندما اكتشف الماء في حادثة الأبقار العطشى المذكورة.
ثالثا: محور الأصل الزماني
كما أوردت آنفا فان الزمن التقريبي لظهور الأصول الأولى لقبيلة بني حسن قد لا يتعدى 400 عاما على الأبعد معتمدا على شواهد أجزم من وجهة نظري بصحتها وهي:
أولاك :لا وجود لبني حسن في السجلات العثمانية الأولى في القرن السادس عشر وان وجد في نهاية القرن شواهد على تسميات متقاربة مثل طائفة حسن وطائفة حراشة حول الطفلية والطائفة أصغر من القبيلة في المسميات العثمانية ولعلها اسره حسن في بداياتها بعد قدومه إلي الطفلية.
ثانيا: حساب عمر الأجيال كما أوردنا سابقا.
ثالثا: التأريخ المتوازي للأحداث ,وأقصد بذلك التعرف على الزمن الحقيقي للأحداث التي تروى مشافهة من خلال دراسة تاريخ أحداث وردت في الروايات الشفهية وتم توثيقها في مراجع تخص قبائل اخزي وهنا نشير إلي حادثة خروج أبناء حسن من عفرا وهجرتهم شمالا ولربما كان ذلك جلوة بفعل حادثة قتل-حيث استقر بهم المقام حسب الروايات ومنها ما سمعته من والدي يرحمه الله بانهم استقروا بحوار المحفوظ السردي في منطقة سبع صير شرقي المفرق حيث قام المحفوظ بالرحيل عنهم مع قومه فوجد أبناء حسن أنفسهم وحيدين وبلا ماء لهم ولمواشيهم فأشارت أم خالد إلي حبس البقر عن الماء وتركه يومين ليبلغ به العطش ثم إطلاقه ليبحث بنفسه عن الماء وسار خالد خلفه حتى وصل سيل الزرقاء إلي المكان المسمى حاليا (احسيًا ) وهو على سيل الزرقاء شمال مدينة الزرقاء بحوالي 15 كم إلي آخر الحكاية ولعدم تدوين ذلك كتابة بحيث نستدل على زمن ذلك الحدث فأنني لجأت إلي البحث عن تاريخ المحفوظ السردي الذي التجاء إليه بنوا حسن عند جلائهم عن الطفلية حيث يرد في تاريخ قبيلة السردية أن المحفوظ كان لقب أميرهم وأنه بسط نفوذه على حوران -جنوب سوريا وشمال الأردن وتفيد المعلومات أنه قتل في معركة المزيريب عام 1725م أثناء غزو قبائل عنزة(الوهابيين)لمنطقة حوران وهذا يدلنا على أن وصول قبيلتنا إلي شمال الأردن يقع ما بين التاريخين من تسلمه حكم قبيلته حوالي 1675م إلي مماته 1725م
ومن الأحداث الموازية الاضمحلال الحاصل لقبيلة الوحيدات التي كانت تسكن حول سيل الزرقاء والى الشمال منه حيث تشير المعلومات إلي أن بني حسن حلوا مكانهم تدريجيا وكان آخر ذكر لهم في قفقفا وحولها والتي آلت إلي بني حسن لاحقا.
مما سبق يمكن الخلاص إلي القول أن بني حسن ينتسبون إلي حسن -(دون تحديد دقيق لأصله)لتعذر ذلك وانهم في نهاية القرن السابع عشر تحركوا شمالا وكانوا عائلة صغيرة ثم بدأوا الانتشار والتمدد على ضفتي نهر الزرقاء منذ بدايات القرن الثامن عشر وتمددوا غربا وشمالا وجنوبا حول النهر
وكانوا بشكل مجموعة صغيرة صنفت ضمن عربان البلقاء وظهرت بشكلها القبلي المكتمل بدءا من الربع الثاني من القرن التاسع عشر.

مسرح المنطقة قبل بني حسن:
يمكن القول أن المنطقة التي انتشر فيها بنو حسن كانت قليلة السكان وكانوا يتمثلون في بقايا من قبيلة الوحيدات والمهداوية وعائلات صغيرة تقيم حول سيل الزرقاء وقد انصهرت تلك العائلات في بني حسن وأصبحت جزءا منهم كالجرمي والزغميمي . وعموما كانت أغلب الخرب في المنطقة كانت مهجورة منذ نهايات العصر المملوكي ولعل ذلك يعود لانتشار الأوبئة أو للحروب القبلية وكانت المنطقة بداية العصر العثماني تسمى بالصويت وهذا لفظ اطلق على المناطق من شرقي جرش إلي حدود الصحراء شرقا ولعل التسمية تعود لعشيرة السويط التي عاشت في النطقة في فترات هناك. ثم تحول الاسم إلي البطين أي الأرض الخالية ولعل المناطق والتخوم الشرقية منها كانت مسرحا لصراعات طاحنة و كانت مخيفة نوعا ما.
المساكن:
لقد بدأ استيطان القبيلة في أماكن تموضعها باستخدام الخيمة العربية المناسبة للترحال وانتشر السكن في الكهوف الموجودة أصلا طبيعيا أو أثريا والسكن في بعض الخرب التي كانت موجودا أصلا من خلال استصلاحها ولعل عدم ظهور شواهد لأنماط معمارية مبكرة يعود ذلك إلي وضعية الأرض السائبة حيث أمكانية تغير الملكية بفعل الكوارث الطبيعية والحروب..... ولكن مع بدايات تفويض الأراضي للمواطنين والتي بدأت بما يعرف لنا بطاب نائلة والذي بدأ عام 1879م ونائلة اسم لرئيس لجنة الطابو في اربد والذي قام بمسح وإفراز أراضي قرى بني حسن ولا تزال بعض سنداته محفوظة لدى البعض.ويعد هذا الإقرار محاولة من الدولة العثمانية لتوطين القبائل في أماكن محددة وحصر مساحات تحركها وان كان ذلك قد ساهم في توسع أراضي بني حسن شرقا: أي شرق بلعما والزرقاء ورحاب
وقد اعتمد أبناء القبيلة على ما وجوده في الخرب القديمة التي أقطعتها لها الإدارة العثمانية حيث اعتمدو ا على ترميم واستصلاح الابنية والأقبية فيها
وانتشر نظام العقد كقواطع في البيوت وروافع للأسقف كما في مباني بلعما ورحاب والعالوك وغيرها وامتاز البناء بالتقارب وضيق الشوارع وأحيانا تراص البيوت كما في غريسا القديمة واستخدمت حجارة الخرب القديمة في البناء وهنا أشارة سريعة إلي ما يبعث على الأسى وهو تخريب تلك الشواهد العمرانية كما فعلت بلدية بلعما في التسعينيات من القرن الماضي في حين حافظ الآخرون على تراثهم المعماري كجزء من التأصيل الحضاري لهم.
وقد استصلح أبناء القبيلة الآبار القديمة والبرك الرومانية الأصل كما في بلعما ورحاب-وان كان الأسى يتجدد على بركة بلعما التي حولتها بلديتها إلي مسطح أسفلتي لم يستخدم منذ سنين......
التطور السياسي للقبيلة
لم تذكر الشواهد التاريخية المكتوبة أو المنقولة منها أثرا لقبيلة بني حس قبل بدايات القرن التاسع عشر حيث بدأ اسم القبيلة يظهر للوجود مع تزايد أفرادها وسيطرتهم على الأرض حيث تقيم القبيلة , غابت القبيلة عن مسارح أحداث عدة جرت في جوارها ومنها :
1- الصرة العثمانية وهي تقدمة مالية ومنادية كانت تهبها السلطنة العثمانية للقبائل العربية على جانبي طريق الحج بغية عدم الاعتداء على الحجاج أو مهاجمتهم رغم مرور الطريق في الفدين والزرقاء وعمان وهي الجزء الشرقي من منطقة تواجد القبيلة
2-:لا ذكر مفرد للقبيلة في أحداث مهمة كدولة الزيدانيين في تبنة أو ثورة عجلون على الحكم المصري وكلها حدثت في القرن الثامن عشر
وقد يعزى ذلك إلي أن القبيلة كانت في طور التكون وأنها كانت تصنف ضمن المجموعات الصغيرة في المنطقة والتي كانت تسمى عربان البلقاء.
غير أنه يمكن الحديث في هذا الجانب المتعلق بالتطور السياسي للقبيلة من خلال المحاور التالية
أولا :العلاقة مع السلطة العثمانية :
لقد تمثل الوجود العثماني في المنطقة بمراكز التقسيمات الإدارية في ذلك العصر وتقلبت التبعية بين الإدارات العثمانية في لواء عجلون في عجلون ثم جرش والإدارات في السلط لذا توزعت السجلات التي حوت معاملاتهم بين هذه الأماكن .كما وتمثلت العلاقة من خلال تواجد الاغوات العثمانيين في مواقع محددة شملت قلعة الفدين شمالا وقلعة أو قصر شبيب عند نهر الزرقاء والذين كان لهم دور أداري وتحصيلي في آن معا .
ولعل الدولة العثمانية لم تتدخل كثيرا في شوؤنهم لذا لا شواهد واضحة عليها غير أنه يمكن ملاحظة ندرة أبناء القبيلة الذين انظموا للجيوش العثمانية حتى في أوقات النفير العام كسفر برلك ويروي البعض أن سامي باشا الفاروقي والى الشام عند بداية الحرب العالمية الثانية حاول فرض التجنيد إلا أنه و أثناء
حملته باتجاه الكرك ومحاولته فرض التجنيد انه قد اتفق مع بني حسن على عدم تجنيد أبناءهم مقابل عدم دعمهم للهية-هبة الكرك- وكذا بعد ذلك الثورة العربية الكبرى حيث نجد أن قوات الثورة تحركت عبر الصحراء نحو الأزرق ومنها إلي درعا لئلا يمروا بديار بني حسن كما أورد ذلك لورنس في كتابه اعمدة الحكمة السبعة كما ويلحظ أن سكة الحديد لم تتعرض للتخريب في مناطقهم كما تعرضت للتخريب في بقية المناطق
ولعل من أقدم العلاقات الواردة ما أورده الرحالة بيركهارت حول علاقتهم بالاغا العثماني في قلعة الفدين حيث يورد في حديثه عن مروره بقلعة الفدين(المفرق) عام 1812 حيث يورد أن
"المفرق وهي قلعة تبعد اربع ساعات في الجنوب من الرمثا ويحتفظ الباشا فيها بحامية صغيرة تحت أمزة قائد يعرف بالاغا أو " الاوضه باشي " واعتاد العربان وهو لفظ كان يشمل مجموعات سكانية آنذاك منها بني حسن ) في البلقاء أن يودعوا في هذه القلعة الغلال التي تزيد عن حاجتهم من القمح والشعير ليستفيدوا منها في السنة التالية أو ليبيعوها إلي الحجاج بعد تقديم جزء منها للاغا " الفدين "
ثانيا: العلاقة مع القبائل في المنطقة:
كما أسلفنا فقد بدأ بنو حسن إحلالا تدريجيا مكان القبائل التي كانت تقطن قبلهم حول سيل الزرقاء ومنها الوحيدات في حين ذابت بعض الأسر تلك ضمن القبيلة وأصبحت جزءا منها.
وكان لهدوء الطابع عند بني حسن دور في اكتسابهم احترام القبائل المحيطة وبعد تزايد العدد والقوة والنفوذ نظرت أليها قبائل اخزي كملحاء لحمايتها من القبائل الأخرى أو كسند لها:
فمثلا يورد إحسان النمر في كتابه تاريخ نابلس والبلقاء -وهو كتاب ألفة في بدايات القرن العشرين والكاتب سليل اسره حكمت نابلس لفترة سابقة- يروي أ ن سالم أبو الغنم أحد وجوه السلط لجاء إلي شيوخ بني حسن هربا بسبب رفضه دفع الخاوة لشيخ العدوان .
ولعل الأبرز في هذه العلاقة هو أن مكانة القبيلة في محيطها الأردني قد بدأ يكبر تدريجيا حتى أن شيوخهم أصبحوا أبرز القضاة في شرق الأردن وهذا لا يتأتى لقبيلة إلا أذا كانت قوية و ذات مهابة بين جوارها وأن لا تكون عدائية تجاه الآخرين ويبرز الأب بوسل سمعان في كتابه خمسة أعوام في شرق الأردن أن أبرز قضاة بني حسن والبلقاء هو حسين القلاب المتوفي عام 1307ه/1889 م وخلفه في القضاء ابنه عواد والذي اعتبر قاضي البدو الأول في شرق الأردن وكان مقره في المدور
ولم يكن بنو حسن قبيلة غازية أبدا و أنما توزع جهدهم القتالي في الدفاع عن أرضهم ومراعيهم وصد غزوات القبائل على ديارهم وفي القصيد المغنى شواهد كثيرة على ذلك
وقد امتازت علاقاتهم بالفلاحين في الشمال الأردني بالتفاهم والتعاون وشكلوا درعا واقيا لهم على طول نواحيهم الجنوبية والشرقية كهلال منع غارات وزحف القبائل البدوية نحو قراهم من تلك المنطقة .وحتى أن حروب-حرابة- البدو والفلاحين والتي انتهت صلحا في العهد الفيصلي1920 - قد جرت عند بني حسن في بيت الشيخ أخو أرشيدة في رحاب حيث كانوا يحضون بقبول واحترام الطرفين.
حلف البلقاء
يعد حلف البلقاء نواة أولية للتكوينات السياسية والعسكرية الوحدوية في الأردن وفلسطين وقد تأسس لاعتبارات مختلفة منها قبلية ومنها اقتصادية حيث استفادت منه قبائل العدوان وبني حسن كرادع في وجه القبائل الأخرى واستفاد منه أهل القدس ونابلس في حماية مصالحهم التجارية وقد تكون الحلف أساسا
من (العَدوان، المشالخة، بنو حسن، العجارمة، البلقاوية، السلطية، القرضة، أهل جبل عجلون، آل عبد الهادي في نابلس ، وأهل القدس) وقد ساهم الحلف في الاستقرار على ضفتي نهر الأردن خصوصا بعدما شهدته المنطقة من اضطرابات أثناء الحكم المصري للمنطقة .
وقد كان لبني حسن دور ريادي في الحلف تمثل بمنصب المشاور كما هو الحال في ابن قلاب-الشوير- وتمثل أيضا في كونهم القوة الضاربة في الحلف .
ويعد الدكتور العبادي الحلف حلف قيسيا مقابل حلف بني صخر اليماني وهو تصنيف لازم الأحلاف القبلية في بلاد الشام منذ الفتح الإسلامي وتطور بتشعب أفرع القائل لاحقا ولعل في ذلك ما يشير إلي أصول فيسيه للقبيلة.
الحياة الاجتماعية لبني حسن
تشير كل المعلومات الوادة عن بني حسن مشافهة أو مكتوبة(على ضألتها) إلي أن القبيلة كانت تعيش حياة البدو نصف الرحل أو ما يسمون بعرب الديرة .حيث أنهم نشأوا كقبيلة بدوية الأصل لكنها تعيش على الزراعة ورعي المواشي في آن معا. ويستدل على ذلك من امتلاكهم للأبقار التي دلتهم على مصادر الماء عند خروجهم نحو الشمال والأبقار صعبة المعيشة عند القبائل البدوية المرتحلة وذلك لحاجتها الكبيرة للماء وصعوبة تنقلها.
وبعد استقرار القبيلة حول سيل الزرقاء عمل أفرادها في الزراعة المروية ولعلهم استفادوا أيضا من خبرات العائلات التي سبقتهم إلي السيل
.لكن بني حسن لا يصنفوا قطعا كفلاحين وذلك لوجود حالة ارتحال لديهم بشكل موسمي ولعل أهمها الارتحال إلي الغور لخصب أراضيه وتوفر الرعي وذلك في سنوات القحط . وكذلك الارتحال إلي جبل عجلون صيفا لرعي المواشي وهذه العادات استمرت لدى العديد من أبناء القبيلة وحتى نهايات القرن الماضي كما وانه بعد عملية الاستقرار واستصلاح الخرب وتكوين القرى وتوزيع الأراضي وذلك بتشجيع الدولة العثمانية ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر فانه قد بدأ ارتحال جديد في فترات الحصاد من القرى نحو المناطق الزراعية فشكلت القرى ملاذا شتويا والأراضي الزراعية مصايف للعمل ولعل الكثيرين يذكرون مثلا خرابيش ألخوالده في الأراضي الشرقية مثل الخان والنمرة والتي استمرت حتى تسعينيات القرن الماضي
ولقد بدأ توسع بني حسن شمالا وجنوبا على طرفي سيل الزرقاء ولعله قد حدث إحلال تدريجي للقبيلة مكان مجموعات اخزي كانت تقطن المنطقة يذكر منها الوحيدي والزغميمي وغيرهم.
وامتاز أبناء القبيلة بالهدوء المشوب بالأنفة وعزة النفس والذي لم يمنعهم من صد كل من حاول الاعتداء اليهم ونجدة من التجاء اليهم لذا كانت القبائل الأخرى نهابهم حتى أن الصراع الذي دار قرونا بين القبائل البدوية حيث الصحراء القاحلة وبين الفلاحين حيث الجبال والسهول الخصبة هذا الصراع لم يكن لقبيلتنا يد فيه لذا ترى القبائل البدوية الخالصة تتمركز في هلال يمتد من شرق عمان شمالا إلي شرق الفدين ثم غربا نحو حوشا وقراها المتاخمة لسهول الرمثا دون أن تستطيع اختراق منطقة بني حسن باتجاه عجلون وجرش.
تطور التزايد السكاني والانتشار في المنطقة
لقد تزايد تعداد بني حسن بشكل سريع ولعل مما ساعد في ذلك عوامل عدة أهمها عدم تعرضهم المباشر للحروب حيث كانوا لا يغزون وكذلك عدم تعرضهم للأمراض والمجاعات ولعل ذلك يعود إلي الطابع الزراعي لهم وسكناهم حول سل الزرقاء ويورد بيركهارت في كتابه ملاحظات حول البدو والوهابيين أن بني حسن هم أكثر عربان البلقاء عددا وذلك بدايات القرن التاسع عشر الميلادي.
أما من حيث تعداد أفراد القبيلة فانه يتغير حسب الأعوام وحسب من يورد التعداد
فحسب الرحالة ميرل عام1876 كان لعشائر بني حسن 1000 خيمة أي أن عددهم حوالي 5000 فرد إلا انه و سالنامة الشام لعام1881 كان تعداد بني حسن 300خيمة أي حوالي 1500 شخص وأشارت السالنامة تلك إلي أنهم احدي القبائل الرئيسية في حوران والبلقاء ولعل قلة العدد تلك تعود لعزوف الناس أنذأك عن التعداد خوفا من التجنيد والضرائب
ومما يرد في السجلات العثمانية حول انتشارهم أنه في عام 1880 قامت لجنة القومنسيون بالكشف على منطقة بني حسن بدءا من الفدين فوجدت أن مناطقهم تشتمل على حوالي 20 خربة.
وفي عام 1881 قررت الدولة العثمانية تطويب الأراضي والخرب التابعة لقضاء عجلون في منطقة بني حسن إلي أبناء القبيلة لا سكانهم فيها مقابل التزامهم بدفع البدل وهو ما عرفه آبائنا بطاب نايلة نسبة إلي نائل أفندي أحد رؤسا لجان المساحة التي تولت ذلك ثم أننا نجد تزايدا كبيرا في حجج الأراضي الخاصة ببني حسن في لواء عجلون في العقد الأول من القرن العشرين
في حين أننا نجد أن الرحالة كوندر في كتابه مسح شرقي فلسطين ص249 يبين الانتشار الجغرافي للقبيلة في نهايات القرن التاسع عشر على انه يمتد من الجهة الشمالية لقضاء السلط وحول نهر الزرقاء وأن حدود ديرتهم تمتد من أراضي بني صخر شرقا والى الغور غربا وشمالا حتى النعيمة وأن عدد بيوتهم 3000 ويقيمون في قرى بلعما ورحاب والعالوك والقنية و الزنية والبويضة وجبا بتشديد الباء وما بين السلط وعمان وتحديدا شرق السلط وان قراهم تصل إلي 35 قرية وغالبيتهم يعملون في الزراعة
أما الرحالة تريتسرام فيشير في كتابه أرض مؤاب إلي انتشارهم من ياجوز وحتى نهر الزرقاء و أنهم يتنقلون حتى جرش وعجلون والفدين وطريق الحج الشامي شرقا وابرز عشائرهم كما كتب وصدف في طريقه هم ألخوالده والخلايلة والزيود .
العلاقة بالإدارات العثمانية :
لقد تغير ت التابعية الإدارية لمنطقة بني حسن في العهد العثماني عدة مرات وتبعت فترة للواء عجلون ومركزه عجلون ثم إلي السلط ثم اربد وأخيرا جرش.
فقد ظهرت سجلات بني حسن في السلط بدءا من عام 1881 ومنها انتقال مجلس الشرع الشريف(المحكمة الشرعية) المحكمة الشرعية إلي أراضي ألخوالده بني حسن لقسمة ميراث اشترك ففيه عدد كبير خصوصا من النساء والقاصرين لتعذر ذهابهم إلي السلط وازدادت تلك السجلات وخصوصا الشرعية منها منذ مطلع القرن العشرين.
كما وظهرت سجلات اخزي للقبيلة في اربد ومنها مثلا وكالة عام1910 باسم نجيب فندي فركوح الذي وكله عدد من ألخوالده لبيع 800 دونم من أراضي المقلبات شرقي بلعما إلا أن ذلك لم يتم. ونجد مثلا أن مكيد الشرقي – وهو من وجوه الخلايلة بني حسن- يشتكي على رئيس بلدية اربد مصطفى حجازي لمصادرته حصانا له وذلك عام1913 .
هذا عدا عن علاقتهم المباشرة مع الاغوات في الفدين وقلعة شبيب.
ثم نجد أن الإدارة العثمانية قد أنشأت مغافر في المنطقة ومنها مغفر المدور وقد جاءت أفكار إضافية للتوسع في نشر المخافر في المنطقة لزيادة استتباب الأمن مما سيدفع للنو الاقتصادي للمنطقة حيث نجد مثلا أن مراسل جريدة المقتبس يستنهض الوالي العثماني في دمشق للعمل على ذلك ومقترحا مناطق للمخافر مثل حيان المشرف.
ويفصل كوندر بناءا على ما أفاده به دليله الشيخ قبلان من العدوان-يفصل أماكن وجود عشائر بني حسن وتوزيعها كالتالي مع ملاحظة إسقاطه لبعض العشائر الرئيسية وذلك لربما لعدم مروره عبر أراضيهم .
واليكم النص والترجمة
((بني حسن
أقسام هذه القبيلة كما يحددها الشيخ قبلان(دليله من شيوخ العدوان) :
1&2 عرب ألزواهره و عرب الخلايلة بأمره الشيخ علي الشحادة ويسكنون في ألكمشه ومرصع والرمان ويبرين
3- عرب ألخوالده وشيخهم علي ألإبراهيم ويسكنون الهويشة
4-عرب العموش وشيخهم قاسم القلاب ويسكنون بلعما و الغويره؟
45-عرب الخزاعلة وشيخهم محمد النمر ويسكنون الدجنية وبلعما
6-عرب الهليل وشيخهم محمد الحرحشي ويسكنون قرب النعيمة
وهنا لاحظ الالتباس الذي وقع فيه الرحالة بجعل عرب المشالخة الذين ينتشرون قرب غور ابو عبيدة جعلهم جزءا من بني حسن
THE SURVEY EASTERN PALESTINE
MAJOR C. R. "CONDER, D.C.L., R.E.1889
APPENDIX C 295
Beni Hasan.
The subdivisions of this tribe were thus stated by Sheikh Kablan :
1 and 2. 'Arab el Khaleileh and 'Arab ez Zuwaherah,
under Sheikh ' Aly esh Shehadeh, at Kamsheh. Mersa. Rumman, and Birin.
3. 'Arab el Khawaldeh, under Sheikh Aly el Ibrahim, are
north of the Jabbok, in the Ard el Haweish.
4. Arab el 'A mush, under Sheikh Kasim el Kallab, at el
Ghuweirah and Belamah.
5. 'Arab el Khazaaleh, under Sheikh Muhammad en Nimr, at
Tejaniyeh and Belamah.
6. Arab el Beni H e 1 il, under Sheikh Muhammed el Hirhashi,
near Naimeh.
7. 'Arab el Meshalkhah, in the Jordan Valley, north of the
Jabbok, near the tomb of the Moslem general, Abu 'Obeideh Ibn el
Jerrah (time of Omar). They were formerly a large tribe, and their
chiefs were called Emirs. Their present leaders are Sheikh Saleh el Faiir
and Sheikh Fadl er Robia.
أنهم عشائر مستقرة في منطقة جلعاد _أي ما حول نهر الزرقاء وأنه يشاركهم المنطقة بعض من عرب الكلابات وهم بقايا قبيلة بني كلب القبيلة العربية المشهورة ويتهمهم كوندر -أي الكلابات- أن معظمهم لصوص و هم الذين ذكر أنهم ابيدو على يد الوهابيين في سهل بلعما الشرقي وذلك قبل أن يبدأ بنو حسن في استصلاحه زراعيا
The Arabs of this district are various clans of the
Beni Hasan and small tribes of the Sukr (found also at Beisan), and of the
Beni Kaleib (a famous old Arab tribe). The latter are mostly thieves,))
وهنا تجدر الإشارة ألي ما يراه الدكتور احمد عويدي العبادي في كتابه حول العشائر الأردنية من أن بني شيوخ بني حسن كانوا لا يرحبون بزيارات الرحالة الأجانب ألي حد عدم التعاون معهم. وكذا أورد الرحالة ميرل
حسب ميرل عدد بيوت بني حسن1000خيمة أي أن تعداده حوالي 5000 نسمة وذلك عام 1876 أما حسب السجلات العثمانية وفي سالنامة 1881 فتعدادهم 300 خيمة أي حوالي 15000 شخص ولكن لعل ذلك ألي تهربهم من التسجل خوفا من التجند والضرائب
.في عام 1914 برزت فكرة إنشاء خط حديدي من درعا ألي الحصن ثم جرش ثم عمان وقد شرح المهندسون لصحفيين فوائد الخط في نمقل الحبوب والغلال في قضاء عجلون وقرى بني حسن ويورد مراسل صحيفة البشير أن أبناء بني حسن قد رحبوا بتلك الفكرة.
الأحوال الدينية
يبدو أن الشأن الديني لم يكن واسع التأثير في الحياة في المنطقة وان حافظ السكان على بعض الفروض خصوصا الصوم ولكن غزت الخرافات والبدع المجتمع وانتشر عادات التقديس والتبرك بمقامات شتى تمثلت في قبور أو مبان أو خرائب أو حتى أشجار محددة ومن أشهر ذلك مقام أحمد في خريسان ومقام حدد على مرتفع جنوبي سيل الزرقاء وشجرة الهفيف و غيرها الكثير وأصبح المشعوذون تحت مسمى الفقراء وهي تسمي صوفية الأصل- أصبحت مجلبة للشفاء والبركة والتوفيق .وكانت الأحكام عموما ضمن القضاء العشائري والذي يستمد كثيرا من أسسه من الشريعة الإسلامية ومما أورده بولس سمعان في ترحاله في شرق الأردن أن بني حسن لم يكونوا يقبلوا شهادة النساء في القضاء
ومع هذا يبدو أن جذوة التدين كانت متوقدة في النفوس لذا نرى تسارعا في بناء المساجد في بدء العهد الهاشمي كما مسجد بلعما ورحاب والكمشة وغيرها الكثير.
التعليم
لقد أهملت الدولة العثمانية التعليم خارج مراكز المدن إهمالا كبيرا ولا يتوفر لدينا معلومات موثوقة عن أشخاص تلقوا التعليم وخصوصا في المراحل المبكرة وان كان يبدو أن بعض الكتاتيب قد ظهرت هنا أو هناك في أواخر العهد العثماني
التجارة والعمران:
لا يوجد معلومات تسعفنا عن التجارة في بدايات تشكل القبيلة ولكن من بدايات القرن التاسع عشر بدأت ملامح ذلك بالظهور فقد أورد بيركهارت في كتابه عن رحلته ألي حوران 1812م بأن العربان وهو تعبير اطلق كما اسلفنا على مجموعات منها بني حسن - أنهم كانوا يخزنون غلالهم في قلعة الفدين لدى الآغا التركي وكذلك بيع بعضها للحجيج المار هناك عبر طرق الحاج ولعل تلك الفترة لم تشهد عمرانا ظاهرا كبيوت ومخازن لدى السكان في المنطقة وقد أسهم اشتراك بني حسن في حلف البلقاء أسهم في الاستقرار وازدهار ملحوظ للزراعة والتجارة وقد تمثلت الأسواق الأولى في الحواضر القربية مثل السلط وعجلون وجرش ثم امتد ذلك في الوصول ألي أسواق نابلس والقدس غربا ودرعا شمالا حيث تذكر الروايات الشفاهية قصصا عن ذلك ومن القوافل المميزة التي كانت تصل ألي مناطق بني حسن قافلة حوران والتي كانت تسمى مقطر حوران وقد سجل اشتغال البعض من القبيلة بالتجارة فقد ورد وجود تجار من الحراحشة من بني حسن في سوق اربد والبارحة كما واتصل بنو حسن مع تجار النعيمات في جنوب الجولان لشراء الإبل والأبقار الجولانية وكل ذلك آواخر القرن التاسع عشر لميلادي ولا ننسى تجار العقيلات والذين كانوا يتاجرون بالإبل والملح الذي يحظرونه من شمال الجزيرة العربية وقد استمر بعضهم بالاستقرار بتجارة في بلعما حتى منتصف القرن الماضي ,ومع نهايات القرن التاسع عشر واستيطان القبيلة لمواقع عدة واستصلاح الخرب التي وزعت عليها فانه قد نشأت مراكز تجارية منها بلعما والتي استوطنت عشيرة ألخوالده مغرها وأقبيتها الأثرية وأشادت مباني من حجارة خرائبها الأثرية وحطت فيها ركاب تجار من شمال الجزيرة العربية(عقيلات) ومن الشوام ومن معان وثم ازدهرت تجارتها بعد وصول سكة الحديد ألي محطة الخربة السمراء القريبة منها .
ولقد كان هنالك شيء من الاكتفاء الذاتي ولكن كان الناس بحاجة ألي الأقمشة والبذار والمحاصيل الزراعية خصوصا في سني القحط وزخرت السجلات من بداية فترة التنظيمات في بدايات ثمانينيات القرن التاسع عشر بمجموعة من الشواهد على تلك الأنشطة ومن ذلك مثلا انتشار زراعة التبغ في بلعما حسب سجلات الضرائب الزراعية العام 1910م وكما ورد في جريدة المقتبس آنذاك.
وهنا تجدر الإشارة ألي أن استصلاح الأراضي الشرقية لبني حسن لم يبدأ إلا في نهايات القرن التاسع عشر حيث فوضت لهم الواجهات العشائرية ولعل تلك الأماكن الحدية كانت مخيفة نوعا ما ومسرحا لبعض المعارك بين القبائل فمثلا يورد ميللر أن الوهابيين قد قضوا بإبادة شبه تامة على قبيلة الكلابات عام 1876م في سهل بلعما الشرقي.
على كل حال فان نهاية القرن التاسع عشر شهدت الاستقرار التام لبني حسن في ديارهم والتي يحددها المساح الانجليزي كوندور بان ديرتهم حول نهر الزرقاء ما بين الزرقاء وجرش وجنوبا حتى عمان والسلط وشمالا حتى طبريا وقد يمتد أحيانا ألي الغور ويعدد قراهم وهنا نلاحظ حدوث الاستقرار وبداية البناء ويذكر أن قراهم 35 قرية وانهم يشتغلون بالزراعة وتربية الماشية .
الصناعة
لم يكن هنالك صناعات تذكر في مناطق بني حسن ولعل الأمثلة البسيطة تكمن في الطاحونة على سيل الزرقاء وكان يمتلكها شخص من العدوان وتقع أسفل بلدة خريسان على الجهة الجنوبية للسيل وقد وردت في السجلات العثمانية في سالنامة 1897 وكان الاعتماد على المنتجات المصنعة والمباعة في الأسواق القريبة في جرش والسلط والقدس والشام.
يضاف ألي ذلك بعض الحرف اليدوية كنسج الخيام وغزل الصوف وأشعار الماعز وبعض الصناعات الغذائية البسيطة .
التي أهملت المنطقة العربية مستغلة إياها كمستودع خلفي للأموال والغلال الجنود.
الحالة العامة للقبيلة في آواخر العهد العثماني:
أن أبلغ وأعم وأشمل توصيف لأحوال قبيلتنا في آواخر عهد الدولة العثمانية هو ما أورده الكاتب الحوراني في جريدة المقتبس عدد لعام حيث يصف أحوال القبيلة ويطرح همومها أمام المسؤولين العثمانيين محاولا اقتراح الحلول والتوصيات وأورد هنا ما كتبه حرفيا دون تعليق
عشيرة عرب بني حسن:‏
رحالة، ولكنها أطوع من العشائر(16) وأهل القرى للقانون والحكومة. هذه العشيرة محبة للحكومة قسم منهم في أراضي العشيرة: فلهذه العشيرة أرض واسعة خصبة وتربتها طيبة فهي نحو 35 خربة. فهذه العشيرة ما زالت تسكن في بيوت الشعر، وتربي المواشي لنفسها من الغنم والماعز، وتزرع أرض خربها السالفة. هذه العشيرة يحق لها أنت دعي بالخادمة للإنسانية مع أنها في حالة البداوة، ولهذه العشيرة مائة ألف رأس من الغنم والماعز.‏
لهذا تراها لا تستفيد من أرضها بالزراعة كما يستفيد باقي الزراع المذكورين. هذه العشيرة تدفع إلى صندوق الأمة مسانهة مبلغاً لا يقل عن ألوف الليرات. أرض هذه العشيرة هيا لبلقاء التي يذكرها التاريخ وتدل آثارها أنها كانت جنة لكثرة بساتينها وأشجارها،فهي لا تزال مزينة بالأشجار الباقية من حراجها. هذه العشيرة قوية الشكيمة وأكثر عدداً، وأشد قوة بين جميع العشائر الرحالة ولكنها أطوع من العشائر وأهل القرى للقانون والحكومة. فلو رزقت قائمقاماً يكون مطلعاً على حقيقة أخلاقها بهمة قليلة يصرفها لها بالنصيحة فبذكائهم تصبح الخرب قرى، فيستفيد فوائد شتى فهم في مدة قليلة يعمرون 35 قرية لأنهم أغنياء، يقدرون على بنائها من أنفسهم إذا صار لهم من يهديهم،ويدلهم.‏
تسكن هذه العشيرة في الأراضي والخرب الواقعة من غربي السكة الحجازية وفي شرقي حراج عجلون وأرض سوف وأرض جرش ومن شمالي وادي الزرقاء، وقسم قليل من قبليه ومن قبلي أرض نعيمة بن عبيد وأرض الرمثا، وخرباً وأرضاً محلولة خاوية خربة وهي المعروفة بأراضي بني حسن، فهذه الأراضي 35 خربة وتربتها كما ذكرنا في بحث الأراضي منبتة وخصبة، وآثارها تدل على أنها كانت جنات غناء بالأشجار والبساتين، يبلغ عدد بيوت هذه العشيرة زهاء 2000 بيت شعر، كلهم مسلمون وهم ست فرق 1 ـ المشاجبة 2 ـ بنو هليل 3 ـ الخزاعلة 4 ـالخوالدة 5 العموش 6 ـ الزيود وهذه العشيرة تسكن في بيوت الشعر كلها، فتربي الأغنام والماعز لنفسها، وترعاها، وتشتغل بأرضها المذكورة. ولما كانت لا تعرف من أمر الزراعة إلا القليل، فهي لا تستفيد من أرضها كالحوارنة، ولو عنيت بأرضها لدرت أضعاف واردها اليوم من الزراعة، ولو غرست فيها الأشجار على اختلاف أنواعها يعود إلى ديارها مجدها القديم فتصبح جنة أرضية ولهذه العشيرة (150) ألف رأس من الماعز والأغنام، تسرح في تلك المرابع الجيدة، والموجد لهذه المواشي الكثيرة هو الكلأ والهواء، وتنعم بالخصب والأمراع، ويا ليت الحكومة تؤلف في كل قضاء لجنة لإسكان العربان الرحالة من أرباب العلم العارفين طرق تحضيرهم حتى لا تمضي بضع سنين إلا وترى قد عمرت 35 قرية في أرض بني حسن، سكنوها فآوتهم، وأن كثيراً من القرى في الغور والجولان يسكنها عرب النعيم والفضل والغور، وبالنظر لما اشتهر عن بني حسن من الغنى والكرم توشك إذا جاءتها لجنة تنشطها، وتشوقها، وتدلها على السكن أن تقبلها فتعمر خربها قرى من كيسها، إذا لم يمكن الحكومة إعطاءها إعانة أو قرضاً.‏
فإذا كانت هذه اللجان مؤلفة من أهل الكفاءة والعلم والمعرفة بأحوال العربان الرحالة وأخلاقها وعاداتها فهي تكتفي لتحضير عرب بني حسن وعرب الغور وعرب النعيم وعرب اللجاه والصفاه حتى يمكنها تحضير العرب البادية الرحالة، أعني بني عناز وبني صخر والشرارات في الخرب المحولة التي ذكرنا أسماءها ومقدار دونماتها وأسماء العشائر التي تناسب سكناها).‏
ولعل في هذا المقال وصف بالغ للحال في تلك الفترة واستياء شديد من سياسة التهميش التي انتهجنها السلطات العثمانية تجاه ولاياتها العربية وساكنيها خصوصا في المناطق البعيدة عن الحواضر الكبرى والموا نيء ففي شريط عن مدينة يافا الفلسطينية المحتلة يصور الأحوال قبل قدوم الاحتلال الصهيوني ويعود ألي عام 1930 ونشرته الجزيرة في وثائقياتها تجد نساء يتجولن في الأسواق يدفعن أطفالهن في عربات أطفال بينما نسائنا كن يسكن الكهوف أو بيوت الشعر أو الخرب المتهالكة.
الخلاصة
مما سبق يتضح لنا أن تاريخ قبيلتنا يشكل جزءا من النشأة الحديثة للهوية الأردنية وتشكلها على طول هذا الوطن وأن قبيلتنا كانت ركنا مهما من الأركان التي قامت عليها الهوية الأردنية المتصلة بالمحيط العربي ممثلا ببلاد الشام الكبرى حيث ساهمت في إرساء الاستقرار في المنطقة حيث يمكن اعتبارها من أكثر القبائل الأردنية تأصلا فهي لم تغادر مكان توطنها منذ نشأتها وحافظت عليه مصانا طوال تاريخها .
غير أنه لا يليق بنا أن نترك أبناءنا لا يجهلون أصول قبيلتهم وتطورها وهنا دعوة للمتخصصين أن يجدوا في البحث والدراسة في هذا الجانب خدمة لاجيالنا التي يزداد الشرخ بينها وبين ماضيها يوما بعد يوم.
المراجع
1-تاريخ شرقي الأردن في العصر العثماني:الدكتورة هند أبو الشعر:منشورات وزارة الثقافة الأردنية 2010
2-تاريخ جبل نابلس والبلقاء:إحسان النمر:ط2:1973:نابلس
3-اربد وجوارها ناحية بني عبيد وجوارها1850-1926:هند أبو الشعر:جامعة آل البيت1995م
4-جريدة المقتبس عدد516 10-11-1910م:خليل رفعت الحوراني
5-خمسة أعوام في شرق الأردن:بولس سمعان:وزارة الثقافة الأردنية:عمان:2011
6-معجم قبائل العرب:عمر رضا كحالة
7-عمان وجوارها (1864-1921)دكتور نوفان السوارية .وزارة الثقافة-عمان-2010
8-عمان في مطلع القرن العشرين-0السجل الشرعي(1902-1908)صلاح قازان-وزارة الثقافة-عمان-2010
9-ملحوظات عن البدو والوهابيين
(1810-1817)
Notes on the Bedouins
And the Wahhabys
By
John Lewis Burckhardt
الجزء الأول
ترجمة وتعليق
الدكتور أحمد عويدي العبادي
10-الحلقة 12 من تاريخ الاردن وعشائره احمد عويدي العبادي صحيفة الديوان الالكترونية عدد 13/4/2011
11-معجم قبائل العرب القديمة والحديثة تأليف عمر رضا كحاله الجزء الاول دار العلم للملايين بيروت 1388 ه‍ - 1968 م
12- HETH AND MOAB.
(Explorations in t)vm in 1881 ano 1882.CLAUDE REIGNIER CONDER, R.E.,
http://www.archive.org/stream/hethandmoab00condu oft/hethandmoab00conduoft_djvu.txt
13-Travels in Syria and the Holy Land by John Lewis Burckhardt eBooks@Adelaide
2010
14-LA^D OF G-ILEAD, WITH EXCURSIONS IN THE LEBANON BY LAURENCE OLIPHANT,
http://www.archive.org/details/landgileadwithe01olipgoog
15-THE SURVEY EASTERN PALESTINE-1
MAJOR C. R. "CONDER, D.C.L., R.E.1889
16-The land of Moab; travels and discoveries on the east side of the Dead sea and the Jordan. By H. B. Tristram -http://quod.lib.umich.edu/m/moa/AHZ1745.0001.001?view=toc
17- http://www.archive.org/details/landofgileadwith00oliprich
18- "East Of The jordan-1875-1877-Selah Merril"
للحديث بقية ان شاء الله
راضي الخوالدة
بلعما
15/4/2012

خبزنا الأقدم

نشرت مجلة الاكاديمية الامريكية للعلوم )   http://www.pnas.org/content/early/2018/07/10/1801071115 (   كشفا تاريخيا مميزا عن وجود  رغيف خب...