الجمعة، 12 أغسطس 2011

حداء بدأ يتردد

أيها السادر في غيه

أبو القاسم الشابي

يا أيها السادر في غيه!
ياواقفاً فوق حطام الجباه!
مهلاً ففي أنّات من دستهم
صوتٌ رهيب سوف يدوي صداه...
* * *
لا تأمننّ الدهر، إما غفا
في كهفه الداجي، وطالت رؤاه
فإن قضى اليوم وما قبله
ففي الغد الحيّ صباح الحياهْ
* * *
يا أيها الجبار لا تزدري
فالحق جبار طويل الأناهْ
يغفي، وفي أجفانه يقظة
ترنو إلى الفجر الذي تراه...
 
صوت المستذلين

يقولون: «صوت المستذَلين خافتٌ
وسمع طغاة الأرض [أطرش] أضخمُ»
وفي صيحة الشعب المسخر زعزع
تخر لها شم العروش، وتُهدَمُ
ولعلعة الحق الغضوب لها صدى
ودمدمة الحرب الضروس لها فمُ
إذا التفّ حول الحق قوم فإنه
يصرّم أحداث الزمان ويُبرمُ
* * *
لك الويل يا صرحَ المظالم من غد
إذا نهض المستضعفون، وصمموا!
إذا حطم المستعبدون قيودهم
وصبوا حميم السخط أيّان تعلم..!
أغرّك أن الشعب مغضٍ على قذى
وأن الفضاء الرحب وسنانُ، مظلمُ؟
ألا إنّ أحلامَ البلاد دفينةٌ
تجمجم في أعماقها ما تجمجم
ولكن سيأتي بعد لأي نشورها
وينبثق اليوم الذي يترنّم
هو الحق يغفي... ثم ينهض ساخطاً
فيهدم ماشاد الظِّلام ويحطمُ
غدا الروع، إن هب الضعيف ببأسه،
ستعلم من منا سيجرفه الدم
إلى حيث تجني كفه بذر أمسه
ومُزدَرِعُ الأوجاع لابد يندم
ستجرع أوصاب الحياة، وتنتشي
فتصغي إلى الحق الذي يتكلمُ
إذا ما سقاك الدهر من كأسه التي
قرارتها صابٌ مريرٌ، وعلقمُ
إذا صعق الجبار تحت قيوده
يصيخ لأوجاع الحياة ويفهم!!

زئير العاصفة
تُسائلني: «مالي سكتُّ، ولم أُهِبْ
بقومي، وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ»
«وَسَيْلُ الرَّزايا جَارفٌ، متدفّعٌ
غضوبٌ، ووجه الدّهر أربدُ، أقتمُ؟»
سَكَتُّ، وقد كانت قناتيَ غضَّة
تصيحُ إلى همس النسَّيم، وتحلمُ
وقلتُ، وقد أصغتْ إلى الرّيحِ مرّة ً
فجاش بها إعصارهُ المتهزِّمُ
وقلتُ وقد جاش القَريضُ بخاطري
كما جاش صخَّابُ الأواذيِّ، أسْحَمُ:
«أرى المجدَ معصوب الجبين مُجدَّلاًً
على حَسَكِ الآلم، يغمرهُ الدَّمُ»
«وقد كان وضَّاحَ الأساريرَ، باسماً
يهبُّ إلى الجلَّى ، ولا يَتَبَرّمُ»
«فيا أيها الظلمُ المصَّعرُ حدَّه
رويدكَ! إن الدّهر يبني ويهدمُ»
«سيثارُ للعز المحطَّم تاجه
رجالٌ، إذا جاش الرِّدى فهمُ هُمُ»
«رجالٌ يرون الذَُلَّ عاراً وسبَّة ً
ولا يرهبون الموت، والموتُ مقدمُ»
«وهل تعتلي إلا نفوسٌ أبيِّة
تصدَّع أغلالَ الهوانِ، وتَحطِمُ»

صرخة الفتى
ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ
حَبيبُ الظَّلامِ، عَدوُّ الحياهْ
سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ
وكفُّكَ مخضوبة ُ من دِماهُ
وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجودِ
وتبذرُ شوكَ الأسى في رُباهُ
رُوَيدَكَ! لا يخدعنْك الربيعُ
وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباحْ
ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام
وقصفُ الرُّعودِ، وعَصْفُ الرِّياحْ
حذارِ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ
ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ
تأملْ! هنالِكَ.. أنّى حَصَدْتَ
رؤوسَ الورى ، وزهورَ الأمَلْ
ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ
وأشْربتَه الدَّمعَ، حتَّى ثَمِلْ
سيجرفُكَ السيلُ، سيلُ الدماء
ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ

__________

خبزنا الأقدم

نشرت مجلة الاكاديمية الامريكية للعلوم )   http://www.pnas.org/content/early/2018/07/10/1801071115 (   كشفا تاريخيا مميزا عن وجود  رغيف خب...