الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013


بلعما بين زمنين

اعداد:راضي عبد الله البشير الخوالدة -بلعما-22/10/2013


أمامنا صورة رائعة تختزل حكاية قرية اردنية من خلال صورة للحظة مكانية وزمانية تؤرخ لفترة منسية الا من روايات المشافهة عن ذلك الزمن و التي للاسف بدأ يطويها النسان في غياهبة وبدأت ذكرياته بالاضمحلال والتلاشي بسبب وفاه الرواة المتتالية وانقراض جيلهم آخذا معه الحكايات والذكريات .
وبدراسة مستفيضة لهذه الصورة وهي من البوم المرحوم سليمان سالم الرويضان يرحمه الله تعالى, و الصورة تعود لحوالي خمسين سنة ماضية ولفترة آواخر الخمسينات الىأوائل الستينيات من القرن الماضي حيث ينتمي الطراز المعماري فيها الى الجيل الثاني من البيوت في بلعما حيث تمثل الجيل الاول في البيوت الطينية والحجرية المعتمدة على حجارة الخرائب الاثرية والتي -أي البيوت-تعود بدايات انشائها الى أوائل القرن الماضي حين بدأ الاستقرار السكاني وخصوصا الموسمي لعشيرة الخوالدة في بلعما وأقصد بالموسمي الشتوي حيث اتخذ الاهالي من الاقبية الاثرية والخرائب القديمة والمغارات والكهوف أماكن لسكناهم في بلعما.
و الجيل الثاني من البيوت هنا هو المتمثل بالبيوت الطينية والحجرية المسقوفة بالاسمنت والرمل
الصورة رائعة وواضحة المعالم ولعل البعض من الاكبر سنا منا يمكن أن يتعرف الشخوص الظاهرة فيها .
وأجزم القول بناءا على ذاكرتي للمكان والتي تمتد للجيل اللاحق لهذه الصورة حيث تفتحت ذاكرتي على المكان منذ بدايات عام1976 حيث بيقيت غالبية البيوت الظاهرة في الصورة موجودة حتى أواسط الثمانينات وبقي بعضها ماثل للعيان الى الان.واسترشادا بذكريات  بعض ممن بقوا ممن عاصر تلك المرحلة والتي عاشت تلك الحقبة في ذات المكان .
وسأفسر الصورة لكم ضمن نقاط محددة كالتالي:
أولا-مكان التقاط الصورة وبدقة تصل الى أقرب 10 متر- من على البسطة(البرندة)أمام مسجد بلعما القديم على الزاوية الشمالية الغربية ولعل المصور كان يقف على بسطة(برندة)المسجد القديم والتي كانت مكان توسعته الحالية
الثاني-البيوت الظاهرة في الصورة هي كما تشير اليها الارقام وكالتالي
1-بيت فالح الطافش
2-البيوت العائدة لآل نزال علاوي وعيد النزال
3-بيت خليف الفريجات والد عبدالله وخلف الخليف من الفريجات العثمان ولعله آخر هذه البيوت هدما ولا تزال حجارته خلف عمارة مصطفى العيد شمال الدوار
4-بيت سمور الخليف من الهديبات والد عيسى السمور ويضهر ظلال أشجار الصبر التي كانت أمامه واستمرت الى أوائل التسعينات .
5-مجموعة دور للعثمان وعلى ما أعتقد للصويصات .
6-بيت المرحوم عطا الثلجي والذي مكانه الآن جمعية الزهراء شمال الدوار.وكان صاحبه آنذاك المرحوم عباس البرغش.
7-بيت أحمد المليح والد أبو سف محمد أحمد المليح وقد اشتراه الاستاذ خليف العباس ولا تزال الغرفتان قأئمتان على ما أظن خاف دار خليف العباس الحالية.
8-بيت حمد المفضي العثمان ومكانها الان دار عايد محمود السالم.
9-بيت جبر الحسن العليان وقد حازه المرابي عيسى السالم الور وكان يحتوي أول عيادة في بلعما وأظنها بقيت تشغله حتى نهاية السبعينيات.
10-بيت خلف العلي أبو ناقوس.
11-بيت عبد الله الشرقي العثمان وبجانبه بيت أحمد النوري العثمان من الجهة الشمالية.
12-بيت لآحد القعمان-من الهديبات-كانت تسكنه المرحومة فضية القعمان والدة خليف الرمضان يرحمه الله.
13-كرم المرحوم سليم القعيمان وكان من أقدم ما زرع من شجر في بلعما وللعلم فان السروتين الكبيرتين من بقايا أشجار المرحوم أحمد الفرج الشنوان لا تظهران في الصورة وهما قد زرعتا في أواخر الخمسينيات.أما الزيتون في الرافعية فأقدمه يعود لاواخر الستينيات.
ثانيا: تظهر في الصورة السهول والجبال الشمالية لبلعما ويلحظ الطريق الصاعد عبر حي نزال نحو المداوير والمعمرية وعين (14) والطريق الممتد شمالا الى الرافعية والنزهة ولا يظهر أي أثر لبيوت مبنية ولكن يمكن ملاحظة بيوت الشعر.

ثالثا :الصورة ملتقطة في فصل الصيف بعيد الظهر ولكن قبيل العصر حسبما توحي الظلال .
رابعا: لا يوجد مشاه أو حركة سكانية أمام البيوت فبدا المكان مهجورا كأن لا حياة فيه وذلك لأن اغلبية السكان كانت ترتحل الى المشاريق-الجوبة والخان والنمرة-لأجل موسم الحصاد.أو غربا نحو خريسان والحصب ولربما شمالا نحو سهول اربد أو جبال عجلون لرعي أغنامهم.
خامسا: لباس الفرسان-الشرطة- وخيولهم وعلاقتهم الحسنة مع الاهالي آنذاك حيث كانت بدايات وجود مخفر في بلعما في الستينيات من القرن الماضي.
سادسا:صعوبة التعرف على الشخوص الظاهرين في الصورة ولكن الوالدة تجزم أن لابس الثوب الذي يعتمر شماغا مثنيا للخلف وهو خلف رأس الحصان وتجزم أنه المرحوم ندى الهلال الخليفة من الهديبات بناءا على طريقته في لبس الشماغ وسحنة الوجه أما الاخرين فحبذا من يتعرف عليهم أن يرسل اينا بأسمائهم.

ولقد قمنا بالتقاط الصورة الحديثة من نفس موقع التقاط الصورة القديمة وذلك من الشباك العلوي للطابق الثاني لمسجد بلعما القديم ولاحظ التغير الهائل الحاصل في الصورة.


و أخيرا من المفيد القول أن التاريخ ملهم الحاضر وراسم صورة المستقبل ونحن هنا ضمن مجال محاولة نقل شيء عن الماضي الى أبنائنا وأجيالنا اللاحقة حول بلادهم وأجدادهم وحبذا لو زودنا كل من لديه متعلقات مصورة أو مكتوبة عن ذلك بنسخة منها ليصار الى دراستها ونشرها بعون الله ولكم كل الشكر والتقدير.


راضي الخوالدة


خبزنا الأقدم

نشرت مجلة الاكاديمية الامريكية للعلوم )   http://www.pnas.org/content/early/2018/07/10/1801071115 (   كشفا تاريخيا مميزا عن وجود  رغيف خب...